القائمة الرئيسية

الصفحات

أخر الاخبار

شعب فلسطين الأم بقلم: فادي سلايمة

                                   "شعب فلسطين الأم"
بقلم: فادي سلايمة

الذين يُطلق عليهم البعض اليوم "عرب إسرائيل"، أو "عرب ال48"، أو "عرب الداخل"، أو "سكان الخط الأخضر"، أو "الوسط العربي في إسرائيل"، أو "الأقلية العربية في إسرائيل".. وجميعها تسميات خاطئة ومرفوضة بتاتاً لأنهم في واقع الأمر أقدم من (إسرائيل) ذاتها.. هم الشعب الفلسطيني الكنعاني الجبار المتجذر في الأرض، وهم أصل الحكايات ومنبع الروايات






هم أصحاب الأرض الحقيقيين الذين بقوا في وطنهم بعد نكبة الاحتلال وصمدوا في قراهم وبلداتهم بالجليل والمثلث والقدس والنقب؛ سكان طبريا والناصرة وعكا وحيفا ويافا واللد والرملة وكل شبرٍ من بلادنا الجميلة الممتدة من إصبع الجليل حتى صحراء النقب؛ التي كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين!

ومع توالي السنون العجاف وتعاقب رؤوس الاحتلال، تمّ تهميشهم من قِبل المحتل الذي سرق وطنهم وعكر صفو حياتهم وصار يتعامل معهم بعنصرية جليّة في كافة نواحي الحياة ويصنفهم كدرجة عاشرة في وطن هم أصحابه الأولين والأخيرين.. ومن جهة أخرى وللأسف الشديد تم تهميشهم أيضاً من قِبل الجانب العربي والفلسطيني الرسمي. ولأنهم يحملون ما تسمى "الجنسية الإسرائيلية" ويتقنون الحديث باللغة العبرية لا حباً فيها ولا فخراً بها بل كوسيلة اضطروا عليها للحفاظ على ما تبقى من ممتلكاتهم ووجودهم في أرض فلسطين، فقد تمّ عزلهم عن المحيط المجاور لسنوات طويلة لم يكن أحدهم يستطيع فيها حتى التواصل مع الأهل والأقارب المنكوبين والمهجرين في أصقاع الأرض؛ اللهم سوى بإهداء السلام عبر أثير الإذاعة أو برسائل حارة قد تصل وقد لا تصل!




لشعب فلسطين الأم نضالهم الخاص والمميز للبقاء وإثبات وجودهم دائماً كشعب حيّ في مختلف مجالات الحياة الثقافية والفكرية والاجتماعية، يحافظون على التراث الثقافي واللغوي العربي والهوية الفلسطينية ويتماهون بها.. فصاروا شوكة في حلق الاحتلال الفاشي.



وأمثلة ذلك أنهم من أشد المدافعين عن بلادنا فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك، تراهم يسيّرون الحافلات فجر كل يوم جمعة ليتمكنوا من إثبات وجودهم ويرابطوا في المسجد الأقصى المبارك قبل وضع الحواجز من قبل المحتل الصهيوني، وهم أيضاً الحارسون الأمناء على قرانا الفلسطينية ومقدساتنا الدينية - التي هُجرنا قسراً عنها وحُرمنا منها - وتراهم يزورون باستمرار قرانا المدمرة ويواجهون محاولات تغيير معالم القرى والمدن كما يمنعون تهويد الأرض، وهم الذين يقاومون ويقاومون ويقاومون سياسات التمييز العنصري التي يمارسها الاحتلال الصهيوني منذ عقود طويلة وحتى اليوم.



والحقّ يقال أن نضالهم لايقل أهمية عن نضال أخوتهم في الشتات أو في الضفة أو في غزة.. ونرى ثمار ذلك اليوم بشكلٍ واضح - بعد أكثر من سبعين حولاً من الاحتلال الغاشم - من خلال أبنائهم وأحفادهم وأطفالهم الذين ما يزالون حتى اليوم يتقنون اللغة العربية ويتمسكون بهويتهم الفلسطينية ويعرّفون عن أنفسهم دائماً بأنهم فلسطينيون، ويعتبرون أن ما تسمى (إسرائيل) ما هي إلا دولة احتلال رغم هبوب الرياح العبرية عليهم كلّ يوم ومن كل الجهات مُعكّرةً جمال صباحاتهم الفلسطينية المفعمة برائحة اللوز والزيتون والزعتر..

تحية فلسطينية كبيرة من وراء الحدود والبحار لهؤلاء الأبطال الكنعانيين الجبارين، وهذا هو المنطق الصحيح والتاريخ الصحيح والجغرافيا الصحيحة، ولا يجوز أن نكابر ضد كلمة الحقّ ونسير عكس مجرى التاريخ لأنها ببساطة كلمة حقّ لأصحاب الحقّ ولو كره الجاهلون. وواجب جميع الأطراف الفلسطينية والعربية والإسلامية أنّ تدعم شعب فلسطين الأم ليثبتوا ويصمدوا في أرضهم، وعدم الإساءة لهم بكلمةٍ واحدة أو انتقادهم لأجل إقامتهم تحت سلطة الكيان الصهيوني الجاثم على أرضهم - والصحيح أن نقول صمودهم وثباتهم تحت الاحتلال - أو بسبب جنسيةٍ أو لغةٍ أُجبروا عليهما.

بالنسبة لي كم أتمنى أن يكتب الله تعالى لي زيارة أرض فلسطين وأن أزورهم وألتقيهم وأعانقهم فرداً فرداً.. وليكفّ البعض عن نعتهم ب"عرب إسرائيل" لأنهم الأصل الفلسطيني الكنعاني الذي ننتمي جميعنا إليه، وأنا على يقينٍ تام بأنّ الفرع سيعود إلى الأصل ويجتمع يوماً ما الشمل، وستخرج من مفردات الذاكرة تلك المصطلحات الغريبة المارة بين الكلمات العابرة..




                          فادي سلايمة كاتب وباحث
اعداد النشر موقع yafa4you
فضلآ ضع بصمتك



أقرأء المزيد


reaction:

تعليقات